روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | أهمية العقيدة وثمراتها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > أهمية العقيدة وثمراتها


  أهمية العقيدة وثمراتها
     عدد مرات المشاهدة: 2801        عدد مرات الإرسال: 0

¤ العقــيدة:

هي من عقد الشيء، ويقال: عقدتُ الحبل إذا أوثقته، ويقصد به الإعتقاد الجازم الوثيق الثابت الذي لا يدخله شك ولا ريب.

والعقيدة المقصود بها هنا العقيدة الإسلامية، وأهميتها تظهر من كونها أساس الدين وأصل الدين، ولا يتم إيمان العبد ولا يُقبل عند الله سبحانه وتعالى إلا بها، ولهذا يقول الله عز وجل: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة:5]، ولهذا كانت هذه العقيدة هي أساس دعوة الرسل، يقول الله عز وجل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36]، وهي مما أمر الله عز وجل به، قال عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء:36].

هذه العقيدة هي أساس وجود الإنسان في هذه الدنيا، وهي الحكمة من وجوده، قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وهي المهمة الكبرى التي يضطلع بها الإنسان في هذه الدنيا، ولهذا يجب أن نعلم أن الله عز وجل خلقنا في هذه الدنيا، لتحقيق هذه العقيدة.

¤ ثمرات العقــيدة:

لهذه العقيدة ثمرات عظيمة في النفس وفي المجتمع وفي المآل أيضاً يوم القيامة، ولهذا إنقسم الناس في هذه الدنيا إلى قسمين: مسلمين وكفار، وأبرار وفجار، وأساس القسمة هي العقيدة، فمن آمن بهذه العقيدة الصحيحة فهو مسلم مؤمن بر، ومن لم يؤمن بها فهو كافر ملحد فاجر والعياذ بالله. والعقيدة من حققها فإنه يحصل له الأمن التام والإهتداء التام، يقول الله عز وجل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:82].

وثمرات العقيدة عظيمة جداً في حياة الإنسان، منها: راحة القلب وطمأنينته وسعادته، فإنه لا راحة للإنسان ولا طمأنينة ولا سعادة ولا إستقرار إلا أن يعرف معبوده سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وحقوقه، وأن يقوم بها على أفضل وجه وأتمه، ومن كان عكس ذلك والعياذ بالله، فإنه يحصل له من الشقاء والهم والضلال والتيه والإنحراف بقدر بعده عن هذه العقيدة، فإذا كان بعداً جزئياً كما هو حال أهل البدع والضلالة، فإنه يحصل له من الشقاء والإضطراب بقدر بعده، وإذا كان بعداً كلياً كحال أهل الكفر والنفاق الإعتقادي، فإنه يحصل له الضلال التام والاضطراب التام والشقاء التام، يقول الله عز وجل: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى*قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا*قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه:124-126]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكفل الله عز وجل أن كل من أعرض عن ذكره فإن له معيشة ضنكاً في الدنيا، وله في الآخرة العمى كما جاء في هذه الآية.

* الرد على من يهون من شأن العقيدة:

إن العقيدة الصحيحة لها أهمية كبيرة، وهي من الأولويات بالنسبة للإنسان، والذين يهونون من شأن العقيدة لم يفقهوها ولم يفهموها، وهناك إتجاهات منحرفة تهون وتقلل من شأن العقيدة، وتقول للناس: إن الذي يدخل في العقيدة سيتعقد، أو الذي يدخل في العقيدة سيحصل له كثير من المشكلات، أو العقيدة تفرق الناس، ونحو ذلك من الكلام الذي يدل على عدم الفهم لهذه العقيدة ولأهميتها ومكانتها ومنزلتها عند الله سبحانه وتعالى، ومعلوم أن الفرق الضالة الموجودة التي تفتك في جسد الأمة الإسلامية اليوم لا يمكن أن نواجهها إلا بالعقيدة الصحيحة، والخلاف الذي بيننا وبين الكفار من اليهود والنصارى والملاحدة والعلمانيين وغيرهم هو خلاف إعتقادي.

* موقف الصحابة من العقيدة وآثارها عليهم:

تبدو العقيدة مهمة جداً، ولها آثار عظيمة جداً في نفسية الإنسان، فإن من كانت عقيدته قوية كان قلبه قوياً، وكان إيمانه قوياً، ولهذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يأخذون هذه العقيدة وهذا الدين بجد وإهتمام، ولا يأخذونه بشكل عرضي، ولا يأخذونه بشكل تقليدي، وإنما يأخذونها أخذاً جاداً، ويلتزمون بمعناها ومقتضاها، ويجتهدون في تحقيقها في واقع الأرض، ولهذا ماتوا من أجلها في سبيل الله، ورغبوا عن الدنيا إذا كانت الدنيا في مقابل هذه العقيدة، وفتحوا بها الأمصار، وإستطاعوا أن يخضعوا أمم الأرض بهذه العقيدة، وتميزوا عن غيرهم بها، وأصبحوا قادة للدنيا مع أنهم كانوا قبل هذه العقيدة أعراباً ليس لهم أي قيمة وليس لهم أي مكانة، ولهذا تعجَّب منهم ملوك الأرض مثل كسرى وغيره، فقال لهم: كنتم مجموعة من الأعراب لا نشتغل بقتالكم نحن، وإنما نرسل عليكم بعض عمالنا في الأطراف، واليوم أصبحتم تهددون فارس! فبين له ربعي بن عامر أن الله عز وجل إبتعث إليهم رسولاً ليخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ويخرجهم من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ويخرجهم من التعبد للأشخاص والدول الطاغوتية إلى الحرية الحقيقية، وهي العبودية لله عز وجل وحده، والتحرر من قيد العبودية للإنسان، فإن التعبد لله عز وجل من أهم الواجبات، لأن الله عز وجل خلق الإنسان على هيئة وكيفية ترتاح وتنشرح بالتعبد لله عز وجل، وتذل وتشقى بالتعبد لغيره.

وذكر شيخ الإسلام رحمه الله في رسالته العظيمة -العبودية- قاعدة عظيمة، قال: إن الإنسان لابد أن يكون عبداً، إما أن يكون عبداً لله عز وجل، وإما أن يكون عبداً لغيره وهواه، {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية:23] فالإنسان لابد أن يكون عابداً، هكذا خلق الله عز وجل الإنسان، وخلقه يلتذ ويرتاح ويطمئن لعبادة الله عز وجل، ويشقى ويضل وينحرف بعبادة غيره، فالله عز وجل يقول: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14] فهو سبحانه وتعالى يعرف المخلوق الذي خلقه وأنزله على ظهر هذه الأرض، ولم يتركه هملاً وعبثاً، وإنما كلفه برسالة عظيمة وهي تحقيق مرضاة الله عز وجل في هذه الأرض، وجعل له أعداء وخصوماً، وأمره أن يواجه هؤلاء الأعداء والخصوم، وجعل له من يؤذيه، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم عندما بايع أصحابه يوم العقبة قام سعد بن عبادة رضي الله عنه وقال: يا معشر الأنصار، هل تعلمون على ماذا تبايعون هذا؟ إنكم تبايعونه على محاربة الأحمر والأصفر، يعني: أنكم تبايعونه على مفارقة الأهل، ومفارقة الأوطان، ومفارقة العادات والتقاليد، وعلى قضايا كبيرة ليست قضايا هينة، لكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يعرفون على أي شيء يبايعونه.

وهذه العقيدة عندما يأخذها الإنسان بجد فإنه سيكون له بطبيعة الحال أعداء، أحياناً يكون هؤلاء الأعداء من الكفار من اليهود والنصارى والملاحدة، وأحياناً يكون هؤلاء الأعداء من المنافقين، وأحياناً يكون هؤلاء الأعداء من أصحاب الشهوات، ولا بد أن يكون له أعداء، وإذا ظن الإنسان أنه بإمكانه أن يلتزم بهذه العقيدة التزاماً جاداً صحيحاً دون أن يكون له خصوم وأعداء، فإنه لم يعرف هذه العقيدة.

إذاً: هذه العقيدة تجعل الإنسان قوي القلب بالله عز وجل، وتجعل نظرته إلى الدنيا على أنها متاع زائل، وعلى أنها وسيلة وليست غاية، ولهذا يقدم نفسه رخيصة في سبيل الله، ويجتهد في أن يكون عمله إبتغاء مرضاة الله عز وجل، ومهما حصل له في هذه الدنيا من الفتن والمصائب والمحن والمشكلات، فإن هذا لا يرده عن دينه، وأحياناً تكون الفتنة بالسراء مثل: كثرة الخير والنعمة مثلاً، وأحياناً تكون الفتنة بالضراء، مثل: الفتنة بالمصيبة وبالمرض وبالإضطراب وبالبعد عن الأمن ونحو ذلك، لكن المسلم صاحب العقيدة الصحيحة يتعامل مع كل هذه الظروف بطريقة سليمة، فيحافظ فيها على دينه وإستقامته والتزامه بهذه العقيدة حتى يموت، لأن الإنسان في هذه الدنيا لن يستمر إلى الأبد، هذه من الحقائق العقدية الأساسية المهمة التي قررها القرآن كثيراً، وعندما تقرأ في كتاب الله عز وجل تجد الخصومة الكبيرة مع الكفار، وتجد أن الكفار لا يمكن أن يتركوك، قال الله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]، وتجد أن المنافقين لن يتركوا صاحب العقيدة، وأنه سيقع عليه الأذى والمشقة، وستقع عليه كثير من الأمور المزعجة، لكن يحتاج إلى الصبر، ويحتاج إلى الإعتصام بالله سبحانه وتعالى، ويحتاج أن يستشعر أن هذه العقيدة خير له، وأن الموت عليها خير له من العيش الرغيد على الإنحراف والضلال والعياذ بالله، لأنه لا خير في هذه الدنيا

الكاتب: الدكتور/ عبدالرحيم السلمي.

المصدر: موقع دعوة الإنبياء.